الروائية ميرال الطحاوى
قالت الروائية ميرال الطحاوى أستاذة الأدب العربى المساعد بجامعة نورث كارولينا، إن روايتها "بروكلين هايتس" ليست مشروعًا لفيلم سينمائى بعدما انتهى مشروع تحويل روايتها "الباذنجانة الزرقاء" إلى فيلم بوفاة المخرج رضوان الكاشف، مضيفةً "روايتى مرآة تكشف عجزى عن الهرب والانتماء فى آنٍ واحد"، كما أكدت ميرال على أنها تكتب الشعر أيضًا ولن تنشره.وفى رواية "بروكلين هايتس" تحكى ميرال الطحاوى قصة "هند" التى قررت أن تترك وطنها بعد اكتشافها لخيانة زوجها، فتهاجر هى وابنها الصغير لمدينة بروكلين؛ لتسرد من هناك تفاصيل وحيوات المهاجرين العرب، عن الرواية كان لليوم السابع هذا الحوار:
كيف تكتب ميرال الطحاوى؟
-حينما لا يكون هناك سقف إلا الكتابة، فتصبح هى الخلاص والبهجة الممكنة، أكتب فى حالات نفسية خاصة تأتى مثل رياح الحنين تضرب الذاكرة وتؤسس عالمها، لست كاتبة محترفة ولكنى أطبخ أيضًا بنفس الإخلاص وأبكى وأحلم بالإخلاص ذاته ولا أعرف المسافات الخالية من هذا التوهج.
هناك اتكاء على عالم الأساطير البدوية بدايةً من روايتك "الخباء" ومرورًا بـ"الباذنجانة الزرقاء" و"نقرات الظباء" فهل تعتبر "بروكلين هايتس" امتدادًا لهذا العالم أم تمردًا عليه؟
- "بروكلين هايتس" ليست هربًا من عوالمى القديمة بل هى مرآة تكشف عجزى عن الهرب والانتماء فى آنٍ واحد، فنشأتى فى قرية صغيرة على مشارف الدلتا نحتت فى ذاكرتى عالم خليط من العرب والقرويين والجدات، مما يجعلنى أتكئ إليه، وربما هو اختصار لذاتى ولهواياتى المتعددة، فلم أختر هذا العالم لأكتب عنه مثلما، لم أختر الهروب منه أو التمرد عليه، وفى كل مرة أكتب وكأننى أكتب للمرة الأخيرة، ولا أبحث عن مواصفات لمكان أو عالم النص، وليس لدى هاجس ولا هوس التجديد ولا التنقل بين العوالم الروائية ولا أحلم بتجاوز شىء، فقط أتحسس فى الكتابة مساحة تخصنى وتختصر وجودى.
لماذا استعنت بعالم الأبراج والطوالع الفلكية ورياح الحنين؟
-أعتقد أن الأبراج والتنبؤات كانت جزءاً من غواية الحكايات والأساطير، وهى جزء من قلق الوجود بشكل عام، وقد صارت قراءة الكروت والاسترولوجى مهنة مقدسة فى الغرب -العلمانى- ويكفى أن تفتح الإنترنت وستجد ملايين الأمريكيين يبحثون عن أقدارهم بتلك الطريقة، وأعتقد أن القلق الوجودى يجعل الإنسان فى النهاية بعد كل هذه الحضارة يعود كما كان يجلس بمواجهة طوالعه الفلكية، ويرى أن الحياة تُدار من مكان ما غامض وعصى على التفسير، كما أن الاعتقادات القديمة عن الريح والنجوم والعلاقة بالطبيعة صارت تمثل هوسًا وتعبيرًا عن يقين ضائع رغم كل الفروق فى التقدير، أما مسألة العقارب فهى أيضًا ميثولوجيا تعبر عن أن العقارب الصغيرة اليرقات عندما تولد تتغذى على الأم، كما أن الأنثى تتغذى على الذكر فى البداية، وفى الحقيقة هى مسألة شديدة الرمزية عن علاقات أزلية تلخص حياة عناكب وتلخص واقع للأسف موجود فى حياتنا رغم كل الوعى والإنكار.
لماذا لم تتناول الرواية تفاصيل الحياة الأمريكية فى مدينة بروكلين بقدر ما تناولته من بحث عن ذات الأنثى المجروحة؟
-لم أقصد بالعنوان أن الرواية تدور عن مدينة بروكلين ولا يمكن لعنوان أن يختصر النص، لا أعرف عن الحياة الأمريكية ما يكفى لصنع نص روائى وحتى لو قضيت عمرًا هناك فلن أستطيع ولا أرغب، كان الجسر الذى يطل على المدينة يشبه مركبة قديمة للمهاجرين وكنت أشعر بتعاسة أن تكون على ذلك الجسر، وتشعر بالغصة طوال الوقت، إنها رواية لا تطمح لتصوير ما هناك بقدر ما تطمح لتصوير هذا التشظى والألم، ظل النص يتراوح مثل بطلته بين هنا وهناك.
ثمة ولع بالسينما وبطلاتها، إضافة إلى النص الذى جاء على شاكلة المشاهد السينمائية، فهل لديك رغبة بأن تتحول روايتك لفيلم، خاصة بعد أن انتهى المشروع السينمائى لــ"الباذنجانة الزرقاء" بوفاة المخرج رضوان الكاشف؟
-كنت دائمًا ومازلت أحب السينما، وصارت تلك الذاكرة السينمائية جزءاً من الحنين مثل أغنية قديمة تحبها، وكل الكتابات الجديدة استفادت من السينما بشكل أو بآخر، فالسينما لديها تاريخ طويل من التعاون مع النصوص الإبداعية فى العالم كله، بالطبع كنت سعيدة بفكرة تحويل عالم الطالبات والمدِّ الدينى فى المدن الجامعية كما جاء فى "الباذنجانة" لفيلم، ولكن كما قلت كان حلمًا قصيرًا انتهى بفقدان عميق لرضوان الكاشف، لكن لا يكتب الكاتب نصًا وعينه على شىء آخر، وحتى إذا فعل ففى رأيى تلك خيانة للنص وللسيناريو معًا، فأنا أكتب رواية رغم كل ما بها من ولع بالعوالم السينمائية.
بدأت بمجموعتك القصصية "ريم البرارى المستحيلة" ومن ثم توالت رواياتك الأربع، فما الشكل الأمثل للتعبير عن عالمك القصة أم الرواية؟
-كتبت أيضًا كتابين أكاديميين ونشرتهما وكتبت عددًا كبيرًا من الرحلات والمقالات وأعد لنشرها فى كتاب، وكتبت الشعر ولن أنشره، وأكتب ولا أضع الشكل فى الحسبان وتأتى الكتابة فى الشكل الذى تختاره، أطمح فقط بأن أحافظ على إيقاع يومى للكتابة مهما كان شكلها.
انشر هذا الخبر فى صفحتك على الفيسبوك
No comments:
Post a Comment