اخبار الحوادث

Monday, April 12, 2010

حديث واحد - قصة عجيبة


 

 حديث واحد - قصة عجيبة



 
حديث واحد - قصة عجيبة

Ahmed Rashed

 

كنتُ طفلا لم أجاوز العاشرة من عمري يوم أن سمعتُ مارواه زيد بن ثابت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ نضَّر الله امرأً سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره ، فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه ، و رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه] .

وقريبا من هذا مارُوي عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : [ خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ يبلغه أوعى له من سامع ]

 لقد تلقيتُ هذا الحديث بعقل طِفْل لم يدْرك عمق المعاني النبوية الكريمة

فجالت الأفكار والتساؤلات في نفسي

كيف يمكن أن يكون مُبَلَغ أوعى من سامع ؟!

كيف يمكن لحامل فقه أن يحمل الفقه إلى من هو أفقه منه ؟!

كنتُ أنشدُ تطبيقا عمليا لهذا الحديث حتى يستقر في نفسي

ومضتْ بِضْع سنين

حتى إذا كنتُ يوما من الأيام في مجلس من مجالس الذِّكر

وكان معي في هذا المجلس أحد الدعاة إلى الله ورهط من الصالحين

كان هذا الداعية يجتهد في زيارة القرى والهِِجَرْ ليُعَطِرَ أسماع أهلها بآيات الذكر الحكيم وأحاديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم

وكان يذكر لنا شيئا من قصص أهل القرى وأحاديثهم وأحوالهم

وكان مما ذكره قصة عجيبة ملئتْ قلبي نوراً ويقينا

عرفتُ بعد القصة لذَّة الذكر

وبردْ اليقين

عشتُ مع القصة أمتع الأوقات

فإليكم أحداث القصة لتتلذذوا بها كما قد تلذذتْ وحتى يزيدكم الله بها إيمانا وتثبيتا :

بدأت أحداث القصة في إحدى القرى في بيت من بيوت الله

بعد أن أُديت فريضة من فرائض الله

قام أحد الدعاة يُحدث المصلين عن فضل ذكر الله

لم يزلْ الشيخ متنقلا بين آيات الكتاب الكريم وأحاديث السنة المطهرة وأحوال السلف الصالح لترغيب عباد الله في ذكره سبحانه وتعالى ، والناس ينصتون إليه في لهفة وشوق إلى هذا الذكر الذي تعطشت له قلوبهم

كان ممن يجلس بين المصلين رجل كبير في السن أمي لايقرأ ولايكتب

قد أقبل بوجهه وقلبه على كلام الشيخ

حتى بلغ الشيخ ماجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

[ كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ]

وما إن سمع هذا الحديث حتى حفظه عن ظهر قلب

ووقع في نفسه أيما موقع

حتى استقر في قلبه

فطرد عنه كل داء

وبات الشوق إلى ذكر الله يخالج قلبه

خرج من المسجد وهو يردد هذه الكلمات المباركات [سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ] ، ولم يزل كذلك حتى وصل بيته فنظر في حال أهله فوجد أنهم في إقبال على الدنيا وإدبار عن الآخرة ، فنادى في أهله

( إني لكم ناصح أمين )

أنتم هاهنا في لهو ولعب وكأنكم لم تسمعوا بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم !

قالوا : وماالذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ؟

فساق لهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم

[ كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ]

ثم أردف قائلا

يازوجتي وياأبنائي ويابناتي أدركوا أنفسكم قبل فوات الأوان

هيا طهروا قلوبكم وثقلوا موازينكم بهاتين الكلمتين

[سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ]

فاستجاب أهله لنداءه المشفق عليهم

ورطبتْ ألسنتهم بذكر الله

كان الرجل يخرجُ بعد صلاة العصر فيغشى الناس في أسواقهم ومجالسهم

نظر إلى أحوال قومه فوجد أنهم في شُغلٍ عن ذكر الله

فنادى فيهم

ياقومي : هل أدلكم على ماينفعكم

قالوا : نعم

فساق لهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم [ كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ]

فلم يزل في قومه مُلحاً عليهم داعياً إياهم

إلى ترطيب ألسنتهم وتطهير قلوبهم بذكر الله عز وجل

فاستجاب له قومه وأهله

عاش الرجل مستمسكا بهذا الذِّكر

لم يكدْ لسانه يفتر عن تلك الكلمات المباركات

لم يكن يقابل أحدا إلا أقرأه حديث النبي الكريم

ودعاه إلى ذِكْرِ الله

لقد امتلأ قلبه بنور هذا الذِّكر

وفاض هذا الحب على اللسان

قد أراد هذا الرجل لكل من عرفه أن يشعر باللذة التي شعر بها

أراد للناس أن يأنسوا بذكر الله كما أنسْ

وتطمئن قلوبهم كما اطمئن قلبه

ومضتْ بِضْع سنين والرجل على حاله لايغير ولايبدل

كل من نظر إليه يتذكر من ساعته حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم [ كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ]

حتى إذا داهمه المرض وأُدخل المستشفى

كان المرض قد أنهك جسده فلم يعد يقدر على شيء

غير أن لسانه لم يزل متلذذا بالكلمات المباركات

[سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ]

كان يدخل عليه الأطباء وفريق التمريض من العرب والعجم فينادي فيهم ويرغبهم في الذِّكر الذي اجتمع حبه في قلبه

حتى إذا جاءت اللحظات الأخيرة

والطبيب عند رأسه

كان طبيبا من دولة عربيه وعلى دين النصارى

فناداه يادكتور

قال الدكتور : نعم ياعم .

قال الرجل : يادكتور قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ] .

ثم فاضت روحه إلى بارئها

عندها ذُهل الطبيب

ورقَّ قلبه

لقد شاهد الطبيب في حياته العملية حالات احتظار كثيرة

غير أن هذا المرة لم تكن كسابقاتها

لقد مات الرجل المسن وهو يتحدث بكل ثقة وثبات وهدوء

الطبيب لم يتردد كثيرا فما هي إلا أيام وقد أخذ قراره الحكيم وشهد أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله

والآن ونحن في ختام القصة

عودوا معي إلى الحديثين اللذين افتتحت بهما قصتي

تأملوا

كيف سمع هذا الرجل بحديث واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعاه وبلغه كل من رأته عيناه !

كيف صلُحت حياته بحديث واحد !

كيف حسُنت خاتمتة بحديث واحد !

فهنيئاً لكل من باتت ألسنتهم رطبة من ذكر الله

لقد حدثتُ بهذه القصة خلق كثير

رأيت الدمع وهو يفيض من أعينهم

رأيت شفاههم وهي تذكر الله عز وجل

رأيت النور يتشقق من قسمات وجوههم

واعلم يارعاك الله

أن الذكر قد يبلغ في قلبك ماقد بلغ في قلوبِ القوم

إن أردت أن تشعر بقدر اللذة التي كان يعيشها ذلك الرجل المسن

أو أولئك اللذين نهجوا نهجه

فابدأ الآن ورطب لسانك بهذه الكلمات

[سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ]

وتذكر يارعاك الله

أنَّ اللذة التي تنشدها لن تتحقق لك بقول هذه الكلمات لأيام معدودة

عش مع هذه الكلمات بقلبك أبدا ماحييت

واجعل قلبك يرتوي من فيضها الطاهر

واجعل لسانك لايفتر من هذا الذكر المبارك

عندها ستدرك قدر السعادة التي كان يعيشها ذلك الرجل رحمه الله تعالى



كي تحظى رسائلكم بفرصة النشر رجاء مراسلتنا على البريد التالي
nourislamna@ gmail.com
عدد قراء رسائلنا

free hit counter

 

للاشتراك في نور إسلامنا لاستقبال المزيد من هذه الرسائل المميزة
Email:
ستأتيك رسالة تأكيد الاشتراك على بريدك .. اتبع التعليمات الواردة بها
لوقف الرسائل أو الانسحاب من المجموعة برجاء مراسلتنا على البريد التالي nourislamna@ gmail.com
*****




Tuesday, April 6, 2010

الدائرة قصة واقعية


 

الدائرة قصة واقعية

من الأخت الفاضلة ((ضحى محمد))

لطالما آمنت بأن حياة كل منا عبارة عن دائرة مملة تتكرر عبر الأجيال

 

ولادة وصراخ .. طفولة وطلبات .. مراهقة ولف بالشوارع .. دراسة مع بعض التجارب الشقية .. وظيفة وفلوس .. زواج ورزانة .. أطفال ومسئولية .. تقاعد وفراغ .. قبر    موحش!؟!

 

ثم أسلم عصا سباق التتابع لابني ليركض في نفس المضمار!

 

ويقول التاريخ أن هذه الدائرة بدأت من آدم (والذي هو أبوك أنت الآخر) وورّثها لنا واحداً بعد الآخر! وكل من حاول أن يتخطى هذه الدائرة ويرسم خطاً مستقيماً، فالويل لهذا الشاذ المجنون الأرعن المارق عن العادات والتقاليد و .. و .. تعرفون باقي الشتائم!

 

وكنت أعتقد أني أنا الآخر سأتسكع في هذه الدائرة حتى أسلّم عصا التتابع لمغبون من بعدي .. حتى جاء ذلك اليوم ..

 

حينما ألحت علي أختي للذهاب إلى العمرة، وأختي – من وجهة نظري – من ذلك النوع المثالي الذي لا يحب الخروج عن الخروج عن الدائرة نهائياً، فذهبت مرغماً ثقيل النفس لأؤدي دوري كمحرم من العيار الثقيل الظل في هذه الرحلة ذات الثلاثة أيام ..
 

ولا أنكر ذلك الانشراح النفسي الذي يغمرني في بيت الله الحرام، خصوصاً في هذا الوقت الهادئ من العام.

 

بعد صلاة العشاء في الحرم المكي، تلفتّ وإذا بشاب أشقر، طويل القامة، عيناه بلون البحر، لا تخطئ عيناك أوروبيته من النظرة الأولى ..
 

تسربل بذلك الإحرام، ليعطيه شكلاً لكم تألفه عيني، إذ نادراً ما ترى أوروبياً مسلماً، فبدا مظهره في الإحرام كأنه صورة صغيرة ركب عليها برواز كبير غليظ لا يناسقها بالحجم ولا بالشكل، ولكن سبحان من استجاب دعاء إبراهيم:" واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ..."، ابتسم في وجهي فرددت ابتسامته بمثلها أو بأحسن منها، وهممت بسؤاله بلغة إنجليزية ذات "راء" أمريكية أعكس فيها فشخرتي واستعراضي بثقافتي الأمريكية، إلا أنه فاجئني بقوله:

 

-        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا أخي ...

 

كان يتحدث بعربية فصحى تعرضت حروفها للكسر والعجمة من لسانه ..

 

-        وعليكم السلام يا أخي ...

 

-        من أي بلاد الله أنت يا أخي؟

 

-        أنا من الكويت وهل تعرفها؟ وأنت من أين؟

 

أحسست بأني في مسلسل مدبلج أو "افتح يا سمسم" وأنا أتحدث العربية الفصحى لأول مرة في حياتي، ففي مشوار حياتي كلها كنت أتحدث بلهجة خليجية، وقد ألجأ من باب المداعبة للتحدث بلهجة عراقية، مصرية، لبنانية .. لكن أن أتحدث العربية الفصحى، فقد كان غريباً بعض الشيء ..

 

-   أنا من هولندا، ولا أعرف عن الكويت غير رسمها على الخريطة وإنكم محظوظون لأنكم بلد عربي ومسلم ..

 

-   وأنتم محظوظون في هولندا، لأنكم تتسممون بالأفيون والحشيش في مقاهيكم، وتحت أعين الشرطة!

 

ابتسم، وهو يرد على دعابتي بعربيته الفصحى:

 

-   وأنتم محظوظون لاتصالكم بسر الخلود .. وأفيون السعادة الذي يخرجكم عن الدائرة!

 

-        أي دائرة تعني؟

 

-   الدائرة التي يعيشها الإنسان: ولادة .. دراسة .. عمل .. زواج ثم فناء!!

 

سبحان الله هذا الأشقر الأحمر، الذي جاء من آخر أقاصي أوروبا يتحدث بنفس لغة تفكيري! ويعرف الدائرة، أطرقت قليلاً وقلت له:

 

-        ما الذي يخرجني عن الدائرة؟ فكلنا محكومون بها!

 

-   سر الخروج عن الدائرة أنتم من يملكه، وخرجك عن الدائرة يجب أن يكون ضمن الدائرة!!

 

-   لم أفهم شيئاً من فلسفتك، كيف أخرج من الدائرة وأنا أمشي فيها؟

 

-   الفرق بيننا وبينكم بأننا نحتاج إلى أن نبحث ونقرأ ونقارن بين الفلسفات والديانات حتى نصل إلى الحقيقة، أما أنتم فمحظوظون لأنكم ورثتموها جاهزة بكل يسر .. ولعل تلك الوراثة هي التي منعتكم من التفكير فيها ..

 

-        حيرتني معك يا هذا .. لم أفهم شيئاً مما تقول ....

 

-   تخيل أنك في ممر طويل ومظلم، ترى في آخره بابان ... وكل إنسان مجبور بأن يمشي لآخر الممر، وحينما يصل سيفتح له أحد البابين ليدخله ..

 

-        منظر غريب ..

 

-   تخيل أن الناس الماشون في هذا الممر على صنفين، صنف يعلم ما وراء كل باب، وصنف حيران، لا يدري ولا يمكن له أن يتخيل ما وراء البابين، ولكن الجميع يمشي نحو البابين، فما هو الفرق في نظرك بين نفسية الصنفين؟

 

-   امممم .. لعل الذي يعلم ما وراء الباب سيحس بطعم مشيه وسببه ... أما الآخرون فلا مذاق لخطواتهم، وستكون نفسياتهم مضطربة قلقة طوال الطريق ..

 

-   هذا مثلنا ومثلكم ... فالإسلام قد بين لكم نهاية رحلة الدنيا، أما نحن فلا ندري لماذا نقطع هذه الرحلة أو نعيش في هذه الدائرة، وتحار عقولنا وقلوبنا في أن تجد تفسيراً لرحلة الحياة ... لذا نحاول أن نتلذذ بكل المتع التي نراها في الطريق المظلم، ولكن ينقصنا معرفة النهاية ..

 

-        لكن المسيحية قد دلتكم على طريق النهاية ..

 

-   عذراً لعلي أخطأت في التوضيح .. المعرفة شيء، والإيمان شيء آخر، الكثير منا يعرف النهاية لكن قلة هم الذين يؤمنون بها ويوقنون بما وراء الباب! وهذا الإيمان واليقين لا يعرفه إلا من ذا ق اللذة ...

 

-        وكيف تتذوق اللذة؟

 

-   بالنسبة لي فقد عشت في ظلام لسنوات طويلة، لذا حينما رأيت النور عرفت الفرق .. عرفت اللذة ..

 

شعرت بأن هذا الأوروبي قد ذاق شيئاً في الدين لم أذقه من قبل .. وأحس بحيرتي، فأكمل من تلقاء نفسه:

 

-   منذ سبعة سنوات، كنت شاباً غضاَ في أول العشرينات من عمري، وذهبت إلى زيارة للقاهرة، وبالرغم من كل ما يدهش الأوروبي من أهرامات وجمال ومتاحف، إلا أنه أكثر ما سحرني هي تلك الزيارة لأحد المساجد التاريخية، وكان ذلك وقت صلاة العصر، ووقفت عند باب الجامع لأشاهد منظراً يبدو مألوفاً لديكم
 

شاهدت الناس تخرج من الصلاة، فسحرني منظر تلك الوجوه الناعمة، تعلوها مسحة الإيمان. وتشع ضياءً وراحة نفسية .. رأيت غير الوجوه التي أعرفها في حياتي ..
 

رأيتهم يبتسمون بطيبة ورقة لم أرها من قبل .. لم أتمالك نفسي فاقتربت من أحدهم أسأله بالإنجليزية إلا أنه لم يكن يتحدثها فلم يفهم ما بي، ولكنه حتما لمح التشوق والتلهف في عيني، فقلب في وجوه الناس حتى رأى أحدهم يتحدث الإنجليزية فناداه، وقلت له أريد أن أفعل مثلكم، أريد أن أصلي! فابتسم الرجل وطلب مني الحضور بعد ساعتين على توقيت صلاة المغرب، وأفهمني بفكرة مواقيت صلاة الجماعة، ووقفت منتظراً، فأخذني ذلك الرجل البسيط الفقير ودعاني إلى كوب من الشاي المصري الثقيل، وشرح لي بإنجليزيته المكسرة شيئاً عن الصلاة وفكرتها، وظللت أسأله وهو يجيب بصدر رحب، إلى أن علا صوت الأذان من تلك القبة القاهرية المزركشة

 وشعرت بالأذان ينساب في شرياني ويجري في عصبي ودمي ..
 

وبالرغم من عدم فهمي لمعانيه .. إلا أني شعرت بأنه نداء خاص يأتيني من فوق الغيوم ومن وراء النجوم .. ثم قمت للوضوء مع الرجل .. وصليت الجماعة ولم أفهم منها سوى كلمة آمين!

 

-        ثم أعلنت إسلامك؟

 

-   لا .. لكن تسربلت روحي براحة داخلية لم أشعر بها من قبل ...
 

شعرت بأن الكون له خالق ورازق .. وأني اتصلت به في تلك اللحظات ..
 

شعرت بأني معه في تلك السجيدات والركيعات ..
 

شعرت لأول مرة أني قريب منه .. وأني أستطيع أن أطلب منه ما أريد ..
 

ورحلت عن مصر، ولكن تلك اللحيظات لم تغب عن روحي للحظة، وظلت تراودني فكرة الصلاة على الطريقة الإسلامية بين الفينة والأخرى ..

 

-        ثم ماذا؟

 

-   بعد عدة سنوات أرسلتني الشركة التي أعمل فيها للعمل في قرية صغيرة في ألمانيا لعدة سنوات، في القرية رأيت منظراً غريباً كان سبباً في إسلامي!

 

-        منظر غريب في ألمانيا! مثل ماذا؟

 

-        رأيت مسجدا شفافاً!

 

-        مسجد شفاف؟

 

-   نعم، فحينما أراد بعض المسلمين المهاجرين في القرية بناء المسجد، سرت موجة من الاعتراضات بين أهالي القرية، فقد توضع في المسجد أسلحة خفية، أو قد تدار فيه خلايا إرهابية ... وغير ذلك من الكلام الفارغ الموجه للمسلمين!

 وكان من بين المسلمين في القرية مهندس معماري، فاقترح عليهم بناء مسجد زجاجي شفاف، يرى منه أهل القرية كل ما يدار في المسجد ..
 

وفعلاً حينما مررت بذلك المسجد الشفاف ورأيت المسلمين مصطفين لصلاة المغرب، تقافزت كريات دمي شوقاً إلى ذلك الشعور الذي زرع فيّ من سنين يوم صليت في القاهرة ..
 

أوقفت سيارتي وتوضأت وصليت معهم .. وخطوت خارج المسجد سابحاً في تلك اللذة التي تغمرني ...

 

-        ثم أعلنت إسلامك؟

 

ابتسم وهو يترقب استعجالي فقال بصوت حنون:

 

-   أثناء خروجي من المسجد لمحت ورقة مكتوب عليها أوقات الصلاة، واستقر في ذهني وقت الفجر، فلما غشاني الليل لم أنم وأنا أتفكر في تلك اللذة التي لم أشعر بها من قبل، وظللت أسمع تلك الهواتف في داخلي تدعوني إلى الله، ولم تنقطع تلك الهواتف حتى رأيت الساعة وقد حان وقت صلاة الفجر، فخرجت من فوري إلى المسجد

 .. توضأت .. صليت .. وشعرت بقربي من خالقي .. أحسست بنور يشع في قلبي ويسبح في دمي .. وأثناء سجودي بكيت بنشيج .. ودون أن أعرف سبباً لبكائي .. لكنه كان بكاءً ممتعاً مريحاً ..
 

وبعد الصلاة أقبل المصلون إليّ .. فأخبرتهم بأني غير مسلم .. فقام الشيخ ومسح على قلبي وقرأ سور طه .. فعدت إلى البكاء .. وبكى من حولي ..
 

وكانت الحياة علمتني أن البكاء ممنوع على الرجل .. ولكن الإسلام علمني بأن البكاء قمة الرجولة!! فهذا عمر بن الخطاب الشديد القوي .. كان يبكي! وهذا هارون الرشيد الذي ملك الأرض .. كان يبكي!
 

فأعلنت إسلامي وسط تكبير الرجال من حولي!

 

أحسست بلمح عيني يتساقط أنا الآخر، فسكت من هول قصته وأنا أنظر بهاء الكعبة، وأسأل نفسي: هل بكيت مرةً من لذة طاعة أو ذل دعاء؟ لمَ لم أبكي في حياتي؟
 

سكت الأوروبي لوهلة، ثم أردف:

 

-   ومنذ أسلمت أحسست بروعة الشعور بالطاعة، والاقتراب من مالك الملك، أحسست بأن تلك القوة الرهيبة التي صنعت هذا الكون بمجراته ونجومه وإنسانه، قد فتحت بابها لي، وأذن لي بالدخول إلى بلاطه في أي وقت أشاء .. وكان شعوراً رهيباً أن يسمح لإنسان مثلي أن يدخل إلى بلاط ملك الملوك متى ما احتاج أن يتخفف من عبء الحياة وأثقالها دون وسيط أو حاجب! ففي الإسلام هناك ارتباط مع الله في كل شيء ... فهناك دعاء للاستيقاظ وذكر للنوم والخروج من المنزل وركوب السيارة ، حتى العطسة لها ذكر خاص!

 

-   كلام جميل .. كأني لأول مرة استشعر هذه الحقائق ..

 

-   هذه مشكلتكم .. ولدتم مع هذه الحقائق! فلم تتدبروا في أسرارها .. ولو تدبرت واستشعرت معنى كل دعاء من هذه الأدعية لما بلغت عمقه وسره.

 

-   مممممم .. إذاً هكذا تسير في الدائرة ... ولكن تعيش مستمتعاً بها.

 

-   نعم .. لو تدبرت أسرار الأدعية وغصت في معاني الآيات .. وأقمت علاقة سرية خاصة بالله .. فستعيش في الدائرة مع الناس ظاهرياً .. ولكنك في الحقيقة تعيش مع الله ..

 

 

ومنذ ذلك اليوم أعيش في هذه الدائرة .. آكل .. أشرب .. أضحك .. وأخرج .. ولكن لي علاقة خاصة مع الله، في صلاتي وليلي وفجري تجعلني سعيداً راضياً .. متشوقاً إلى لقاءه

 

.. إنها الحياة مع لذة الطاعة .. جربها


Sunday, April 4, 2010

قصة الملك والمرأة


 

 الملك والمرأة



 
المرأة والملك

R Ajjoury

 


يحكى أن ملك من الملوك أراد أن
يبني مسجد في مدينته وأمر أن لا يشارك أحد في بناء هذا المسجد لا با المال
ولا بغيره...حيث يريد أن يكون هذا المسجد هو من ماله فقط دون مساعدة من أحد
وحذروأنذر من ان يساعد احد في ذلك
وفعلاً تم البدء في بناء المسجد ووضع
أسمه عليه
وفي ليلة من الليالي
رأى الملك في المنام
كأن ملك من الملائكة نزل من السماء فمسح أسم الملك عن المسجد وكتب أسم أمراةفلما أستيقظ الملك من النوم
أستيقظ مفزوع وأرسل جنوده ينظرون هل أسمه مازال على المسجد
فذهبوا ورجعوا وقالوا
نعم أسمك مازال موجود ومكتوب على المسجد
وقالوا له حاشيته هذه أظغاث أحلام
وفي الليلة الثانية
رأى الملك نفس الرؤيا
رأى ملك من الملائكة ينزل من السماء فيمسح أسم
الملك عن المسجد ويكتب أسم أمراة على المسجد
وفي الصباح أستيقظ الملك
وأرسل جنودة يتأكدون هل مازال أسمه موجود على المسجد
ذهبوا ورجعوا وأخبروه أن أسمه مازال هو الموجود على المسجد
تعجب الملك وغضب فلما كانت الليلة الثالثة تكررت الرؤيا
فلما قام الملك
من النوم قام وقد حفظ أسم المرأة التي يكتب أسمها على المسجد
أمر باحضار هذه المرأة
فحضرت وكانت أمرأة عجوز فقيرة ترتعش
فسألها هل ساعدت في بناء المسجد الذي يبنى
قالت يا أيها الملك أنا أمرأة عجوز وفقيرة وكبيرة في السن وقد سمعتك تنهى عن  أن يساعد أحد في بناءه
فلا يمكنني أن أعصيك
 فقال لها أسألك بالله
ماذا صنعت في بناء المسجد
قالت والله ما عملت شيء قط في بناء هذا المسجد
إلا

قال الملك نعم
إلا ماذا
قالت إلا أنني مررت ذات يوم من جانب المسجد فأذا
أحد الدواب التي تحمل الأخشاب وأدوات البناء للمسجد مربوط بحبل الى وتد في الأرض
وبالقرب منه سطل به ماء
وهذا الحيوان يريد ان  يقترب من الماء ليشرب
فلا يستطيع بسبب الحبل
والعطش بلغ منه مبلغ شديد
فقمت وقربت سطل الماء منه
فشرب من الماء
هذا والله  الذي صنعت
فقال الملك أييييه...عملتي هذا لوجه الله
فقبل الله منك

وأنا عملت عملي ليقال مسجد الملك
فلم يقبل الله مني

فأمر الملك أن
يكتب أسم المرأة العجوزعلى هذا المسجد

أنتهت القصة
***
سبحان الله...سبحان الله...سبحان الله
لاتحتقر شيء من الأعمال
فما تدري ماهو العمل الذي قد يكون فيه  دخولك الجنات ونجاتك من النيران
اليس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
(
لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق
كانت تؤذي الناس
)


 

كي تحظى رسائلكم بفرصة النشر رجاء مراسلتنا على البريد التالي
nourislamna@ gmail.com
عدد قراء رسائلنا

free hit counter

 

للاشتراك في نور إسلامنا لاستقبال المزيد من هذه الرسائل المميزة
Email:
ستأتيك رسالة تأكيد الاشتراك على بريدك .. اتبع التعليمات الواردة بها
لوقف الرسائل أو الانسحاب من المجموعة برجاء مراسلتنا على البريد التالي nourislamna@ gmail.com
*****





Your E-mail and More On-the-Go. Get Windows Live Hotmail Free. Sign up now.

--
للمزيد من المواضيع المميزة على الرابط التالي
www.nourislamna.com
مع نور اسلامنا .. ستجد كل ما ينفعك دنيا ودينا
للمراسلة على البريد التالي
nourislamna@gmail.com

Saturday, April 3, 2010

من أعجب ماسمعت : مرقة رقبة بقرة علي القرقبي … نعم المعلم و نعم المقال


 

 من أعجب ماسمعت : مرقة رقبة بقرة علي القرقبي … نعم المعلم ونعم المقال

من العضو الفاضل ((سعد الغامدي))




بقلم د/محمد بن أحمد الرشيد

ــــــــــــــ
الأعمال الكبيرة تحتاج إلى همم كبيرة، مع رغبة صادقة في التعامل مع المواقف بصدق وإخلاص
قال : بداية القصة كانت حين كلفت بتدريس مادة القرآن الكريم والتوحيد للصف الثالث الابتدائي
قبل نهاية الفصل الدراسي الأول بشهر واحد، حينها طلبت من كل تلميذ أن يقرأ، حتى أعرف مستواهم
وبعدها أضع خطتي حسب المستوى الذي أجده عندهم.

فلما وصل الدور إلى أحد التلاميذ وكان قابعاً في آخر زاوية في الصف، قلت له اقرأ.. قال الجميع بصوت
واحد (ما يعرف، ما يعرف يا أستاذ)؛ فآلمني الكلام، وأوجعني منظر الطفل البريء الذي احمر وجهه، وأخذ
العرق يتصبب منه، دق الجرس وخرج التلاميذ للفسحة، وبقيتُ مع هذا الطفل الذي آلمني وضعه، وتكلمت
معه، أناقشه، لعلي أساعده، فاتضح لي أنه محبط، وغير واثق من قدراته، حتى هانت عليه نفسه؛ لأنه يرى
أن جميع التلاميذ أحسن منه، وأنه لا يستطيع أن يقرأ مثلهم، ذهبت من فوري، وطلبت ملف هذا الطفل
لأطلع على حالته الأسرية، فوجدته من أسرة ميسورة، ويعيش مع أمه، وأبيه، وإخوته، وبيته مستقر
واستنتجت بعدها أن الدمار النفسي الذي يسيطر عليه ليس من البيت والأسرة، بل إنه من المدرسة
ويرجع السبب حتماً إلى موقف محرج عرض له من معلم، أو زميل صده بعنف، أو تهكم على إجابته
أو قراءته، شعر بعدها بهوان النفس والإحباط، وأخذت المواقف المحرجة والإحباطات تتراكم عليه في كل
حصة من المعلمين والزملاء، عندها فكرت جدياً في انتشال هذا الطفل مما هو فيه، خاصة وأنني أعرف
بحكم الخبرة مع الأطفال أن كل ذكي حساس، وكل ذكي مرهف المشاعر، ولا يدافع عن نفسه، ولايدخل
في مهاترات قد يكون بعدها أكثرخسارة.

وبدأت معه خطتي، بأن غيرت مكان جلوسه، وأجلسته أمامي في الصف الأول، وقررت أن أعطي هذا
التلميذ تميزاً لا يوجد إلا فيه وحده، ليتحدى به الجميع، وعندها تعود له ثقته بنفسه، ويشعر بقيمته
وإنسانيته بين زملائه، خاصة بعد أن عرفت قوة ذكائه.

كتبت له جملة صعبة النطق، وأفهمته معاني كلماتها، حتى يتخيلها فيسهل عليه حفظها. كنا نرددها ونحن
صغار، كتبتها على ورقة صغيرة، ووضعت عليها الحركات، وقلت له: احفظ هذه الجملة غيباً بسرعة
ولا يطَّلع عليها أحد من أسرتك، ولا من زملائك، وراجعتها معه خلسة عن أعين التلاميذ حين خرجوا
إلى الفسحة، إذ لم يكن هو حريصاً على الفسحة، لأنه ليس له صاحب ولا رفيق، وكنت قد عودت
تلاميذي على أن أروي لهم قصة في نهاية كل حصة شريطة أن يؤدوا كل ما أكلفهم به من حفظ
وواجبات، وإذا تعثر بعضهم أو أحدهم في الحفظ أو الواجب منعت عنهم القصة، ليساعدوا زميلهم
المتعثر في حفظه، أو واجبه، ويعاتبوه لأنه ضيَّع عليهم القصة. بعدها التزم الجميع بواجباتي لهم؛ حفاظاً
على رضاي، وتشوقاً إلى استمرار القصة.

وفي أحد الأيام، وبعد أن قام الجميع بالتسميع طلبوا مني إكمال قصة الأمس، فقلت لهم :
إلى أين وصلنا فيها؟ قالوا: وصلنا عند السيدة حليمة السعدية مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم في
ديار بني سعد، ماذا حدث بعد ذلك؟ فقلت لهم: لن أكملها لكم اليوم، فتساءلوا جميعاً : لماذا يا أستاذ ؟
كلنا أدينا التسميع والواجبات!

قلت لهم: عندي قصة جديدة، أرويها لكم اليوم فقط، وغداً نعود لإكمال قصة الرسول محمد
صلى الله عليه وسلم قالوا وما هي؟ فسردت عليهم قصة من خيالي، من أجل أن أُدخل فيها الجملة
الصعبة التي حفظها ذلك الطالب وفهمها سلفاً، وقلت لهم: إن هناك جماعة يسكنون قرية واحدة يقال
لهم (القراقبة)، كانوا يحتفلون بعيد الأضحى، ويذبحون فيه البقر، ويتفاخرون بذبائحهم، حتى أن كل
واحد منهم يربي بقرته من شهر الحج إلى شهر الحج سنة كاملة، يغذيها بأجود الأعلاف، حتى تكون
سمينة، وكان عند (علي القرقبي) بقرة يربطها أمام باب بيته في القرية، وكانت أكبر وأسمن بقرة في القرية
كلها، والكل يتمنون متى يأتي الحج، وتذبح هذه البقرة، ليشربوا من مرقها، ويأكلوا من لحمها.

ولكن المشكلة أن أهل القرية عندهم عادة هي أنهم إذا ذبحوا الأضاحي يطبخون رقابها، ويضعون المرق
في أوانٍ، تجمع في المكان الذي يتعايدون فيه، فدخل الشباب وأخذوا يتذوقون المرق من كل إناء، فصاح
أحدهم مفتخراً بذكائه: عرفتها، عرفتها، فقالوا له : ماذا عرفت ؟

قال : أنا عرفت مرقة رقبة بقرة علي القرقبي من بين مراق رقاب أبقار القراقبة

وبعد هذه العبارة قلت لتلاميذي : من الذكي الذي يعيد هذه العبارة، فتفاجأوا جميعاً، وطلبوا مني
إعادتها، فأعدتها لهم، وقلت : من الذكي الذي يعيدها ؟
فحاول رائد الصف، والذين يشعرون في أنفسهم بالتميز، فلم يستطيعوا إعادة حتى ثلاث كلمات
منها، فقلت لهم : هذه لا يستطيع أن يقولها إلا ذكي فهم معناها، أين الذكي فيكم ؟
والذي يريد المشاركة أطلب منه الخروج عند السبورة ومواجهة زملائه
وأنا أنظر إلى هذا التلميذ، فإذا نظرت إليه يخفض يده؛ لأنه يخشى الإخفاق، فثقته بنفسه معدومة، خاصة
أنه رأى فلاناً وفلاناً من الذين يشار إليهم بالبنان يتعثرون، وأين هو من هؤلاء الذين أخفقوا ؟
وإذا أعرضت عنه ألمحُ أنه يرفع إصبعه عالياً. وبعد أن عجز الجميع طلبت من هذا الصبي :

1 أن يقول الجملة وهو جالس في مكانه، وذلك لخوفي عليه إذا خرج ونظر إلى التلاميذ أن
يصيبه البكم الاختياري، من شدة خجله وحساسيته، فقالها وهو جالس على كرسيه؛ فصفقت
له، وإذا بي أنا الوحيد المصفق، وكأن التلاميذ لم يصدقوني، لأنه قالها بصوت خافت، علاوة على
أن التلاميذ لم يلقوا له بالاً.

2 طلبت منه إعادتها مرة ثانية، ولكن أمرته بالوقوف في مكانه، مع رفع الصوت، وابتسمت في
وجهه، وقلت له: أنت البطل، أنت أذكى من في الفصل، فقام وأعاد الجملة، ورفع صوته، فصفقت
له أنا ومن حوله من التلاميذ، فقال الآخرون: قالها يا أستاذ! قلت نعم، لأنه ذكي.

3 الآن وثقت من هذا التلميذ العجيب بعد أن حمسته، وشجعته، وظهر لي ذلك في نبرات صوته. فقلت:
أخرج أمام السبورة، وقلها مرة أخرى، وأخذت أشحذ همته وشجاعته، أنت الذكي، أنت البطل
فخرج وقالها والجميع منصتون، ويستمعون في ذهول.

4 ثم طلب مني التلاميذ أن آمره بأن يعيدها لهم .. فرفضت طلبهم، وقلت لهم: اطلبوا أنتم منه.

وهدفي من ذلك أولاً:
أن أشعرهم أنه أحسن منهم، وأنه ذكي، وثانياً: حتى يثق هو بنفسه، وأن التلاميذ يخطبون وده
وأنه مهم بينهم، وثالثاً: أن الفهم الذي عنده ليس عند غيره، وأن التلعثم وتقطيع الكلام الذي
كان يصيبه أصاب جميع زملائه في هذا الموقف.

5 وطلبوا منه الإعادة مرة أخرى، فأخذت بيده، وقلت لهم أتعبتموه وهو يعيد لكم وأنتم
لا تحفظون، ولا تفهمون، لأنني على ثقة أنهم سيطلبون إعادتها منه مرات كثيرة، فتركت ذلك له
حتى يزداد ثقة بنفسه.

6 دق جرس انتهاء الحصة، وجاء وقت النزول إلى فناء المدرسة للفسحة، فلم يخرجوا من الصف
إلا بهذا الطالب معهم، وأخذوا ينادونه باسمه، وكوّنوا كوكبة تمشي وهو يمشي بينهم كأنه قائد، أو لاعب
كرة يحمل الكأس، والفريق من حوله، فخرجت خلفهم، وشاهدت التلاميذ ينادون إخوانهم
وأصدقاءهم في الصفوف العليا، ويجتمعون حول هذا الطالب النجيب وهو يعيد لهم، وهم يرددون
خلفه، وهو يصحح لهم، وكثر أصدقاء هذا الولد وجلساؤه بعد أن كان نسياً منسياً، ووثق بنفسه
وفي هذا اليوم نفسه طلبت منه أن يعرض هذه الجملة على أبيه وأمه، وإخوته، وجميع معارفه، وأن
يتحداهم بإعادتها، وما هو إلا أسبوع واحد وجاءت إجازة نصف العام، وهنا ينبغي التنويه إلى أن
حفظ تلك العبارة جاء نتيجة الفهم لمعناها. إذ إن عدم إدراك مفهوم كل كلمة فيها سيجعل حفظها
حفظاً ببغاوياً، وهو ما ليس ينشده التربويون.

وبعد الإجازة جاء والده إلى المدرسة، ولأول مرة أقابله، فقال: جزاك الله خيراً يا أستاذ، بارك الله لك
في أولادك، جزاء ما فعلت مع ولدي، وقال :
لقد سألني الأقارب الذين زارونا في الإجازة :
من هو الطبيب الذي عالجت عنده ولدك، إذ كنا نعرفه يتهته في كلامه، خجولاً منطوياً على نفسه
والآن تحدى الكبار والصغار رجالاً ونساءً، وتحداهم بإعادة جملة صعبة، عجزنا نحن أن نرددها بعده
فقلت لهم إنه معلمه عوض الزايدي، جزاه الله خيراً.


واستمرت علاقتي بالأب حتى الآن، وأخذ يخبرني عن ولده، وأنه انطلق بعد هذه القصة العلاجية
وحقق ما لم يكن متوقعاً أبداً :

1- حفظ القرآن الكريم كاملاً، وأصبح عضواً فاعلاً في نشاطات الجماعة ورحلاتها.

2- تخرج في الثانوية العامة القسم العلمي بامتياز، حيث حقق 96% في المجموع الكلي للدرجات.

3- التحق بالجامعة قسم الرياضيات، وفي كل سنة دراسية كان ينال الكثير من شهادات الشكر
والثناء والتميز، حتى أنه تخرج بامتياز مع مرتبة شرف.

4- عُين معيداً في إحدى الكليات بجامعاتنا.. وعلمت أنه حصل على قبول للدراسات العليا في واحدة
من أعرق الجامعات العالمية، ولا يزال المستقبل الواعد ينتظره بالكثير، خاصة أنه ذاق حلاوة تميزه.

هذا … وإني لعلى يقين من أن أحداث هذه القصة الكبيرة جداً.. العظيمة أثراً لا تحتاج إلى تعليق، أو في
حاجة إلى ثناء وتقدير للمعلم الذي هو بطلها، وفاعل حقيقي لأحداثها، وإني لأدعو الكُتَّاب إلى
تلمس مثل هذه النجاحات وإبرازها، وعدم الإقلال من شأنها؛ لأن لها مردودها العظيم على الأجيال
كلها، كما عرفنا. هكذا تكون التربية الناجعة، وهكذا المربي المحلق الناجح

الرجاء من الاعضاء الكرام المشتركين عن طريق بريد الهوتميل ارسال رسائلهم إلى البريد التالي ((ahlialsafa@gmail.com)) بدل بريد المجموعة الرسمي

تفضلو بزيارة موقع المجموعة: http://groups.google.com/group/Ahlialsafa?hl=ar
--------------------------------------------------------------
جميع الرسائل تمثل أراء مرسليها و اى نقد يكون للموضوع و ليس للمرسل

--

Engageya