تنتشر الخرافة عندما ينسحب العقل من حياة البشر , ولا ينسحب العقل من تلقاء نفسه, فقد جعله الله سبحانه وتعالي ملازما للحياه ,فإذا فقد الإنسان رأسه التي تحوي جهاز التفكير فإنه يموت , وتبقي حياته متصله ما بقيت رأسه فوق عنقه , لكننا أحيانا ما نقرر أن ننحي العقل جانبا ونترك النفس للهوي , في هذه الحاله نقفز إلي النتيجة التي لنا رغبة في إثباتها ولا نحفل بالمقدمات التي قد تؤدي إلي نتيجة مختلفه لا رغبة لنا في قبولها.
السبب في ذلك هو الجهل وسوء الظن والخلافات الشخصيه والميل إلي تعميم ما يجب أن يبقي خاصا , والإعلام الكاذب والكتاب المرتزقه.
في الخرافات المصريه القديمه التي سمعنا بها تعشش أمنا الغوله , ولا أدري لماذا أصرو علي وصف الغوله بالأم وجعلو منها أما للجميع ؟؟ وقد تكون الإجابه علي هذا السؤال , إنها الخرافه التي لا يعنيها نسبة الأشياء ذات العلاقه إلي بعضها البعض , ومن هنا جاء الجمع بين لفظ الأم بما يحمل من دلالة علي الحنان ولفظ (الغوله ) بما يعني من وحشية وقسوه.
بنفس الفلسفة الخرافيه يُدلل بعضهم بأقوال شيخ سلفي علي خطورة فكر الإخوان المسلمين , وبالطريقة نفسها يقطع بعضهم بأن الليبراليه تعني أنهم سينزعون الحجاب من فوق رأس والدتك الكريمه.
بعضهم يفترض أنك تكفره إذا دافعت عن وجهة نظر إسلاميه دون أن تكون قد لمحت بأي كلمة عن عقيدته , لابد أنك تكفره إن كانت هناك شبهة في أنك تحمل أفكارا إسلاميه,و قد إفترض البعض أن كل من علي وجه الأرض من الإسلاميين لا يؤمنون بالتداول السلمي للسلطه , وحتي هؤلاء الذين جلسو علي مقاعد الحكم لعقود متتاليه وأرادو توريثها لأولادهم , إتهمو الإسلاميين بهذه التهمة النكراء , في الجزائر منعو من فاز بالإنتخابات الحره النزيهه وحظروهم بنفس الحجه , لقد وصل الأمر إلي الحد الذي وصف فيه القذافي الإسلاميين بالظلاميين , القذافي , هذا المسخ المتبقي من قرون ما قبل الإنسانيه ,وكانت لجانه الثوريه تصف الإخوان بوصف ( خوان المسلمين ) , وفي قريتنا أشاعو في أوائل الثمانينيات أن من كانو فيها من شباب الإخوان يتلقون تمويلا من إيران , وتخصص رئيس حزب مغضوب عليه في حزبه الان في الهجوم علي الإخوان ودار ببضاعته علي كل المنابر محرضا عليهم ,وأسهب اليساريون المصريون في تلفيق علاقة مشبوهه بين الإسلاميين ومباحث أمن الدوله ونسجو مقالات ومقالات عن علاقة الحركه الطلابيه الإسلاميه بمباحث أمن الدوله , كان هذا في الماضي عندما كان أعضاء جماعة الإخوان المسلمين يتعرضون لشتي أصناف القمع والقهر علي يد نظام مبارك المخلوع , وبعد أن سقط النظام وأصبحت مشاركة الإخوان في السلطه أو وصولهم إليها علي قاب قوسين أو أدني , تحولت الجماعة المحظوره إلي أمنا الغوله , في أيام الثوره كان إعلام مبارك يقول بأن من كانو في ميدان التحرير إخوان , وكان يعتبر ذلك تهمة ومدعاة للحظر وسبب لدك ميدان التحرير بالدبابات كما طالب أحد الممثلين , أو حرقهم جميعا كما طالبت بذلك إحدي الممثلات .
إنطلق السلفيون بعد الثوره يعبرون عن أفكار غريبه ومشوشه , وراحو يتخبطون ذات اليمين وذات اليسار ويسقطون المرة تلو المره في حفر حفروها بأنفسهم وسارو إليها سير المغشي عليه , وفي أعقابهم إنطلق كل من يرفضون التوجه الإسلامي , يأخذون ما يقول السلفيون ويعممونه علي الإخوان !!! نعم حدث هذا وتحول الإخوان إلي أمنا الغوله .
علي صفحات الشبكه العنكبوتيه يُحذرون منهم , في البيوت يغلقون الأبواب ويضعون ورائها ما ثقل من الأثاث لأن الغولة قد أُطلقت من قفصها , في الغرف المظلمه ليلا تهدهد الأم وليدها تمنعه من البكاء حتي لا تسمعه الغولة المتجولة في شوارع مصر متعطشة لدماء الصغار والكبار علي حد سواء.
إجتمع الساسه وقررو أن يحمو مصر من العنقاء ولم يجدو في أنفسهم الكفاءة لمنازلتها , إذ كيف ينازل البشر المتحضرون وحشا قادما من زمن الديناصورات , إنقلبو علي كل أفكارهم وما كتبوه عن حكم العسكر وبشاعته في الماضي , لاذو بالمجلس العسكري يطلبون منه البقاء حتي يكونو أحزابا سياسيه تقي مصر فحيح الأفعي التي كانت محظورة في جحرها وخرجت للتو عليهم .
لعلك الان تظن أنني عضو في جماعة الإخوان ( أمنا الغوله ) وأنني قد إمتثلت لأمر من مكتب الإرشاد بالدفاع عن الجماعه دون أن أسأل ودون أن أناقش , وقد يتبادر إلي ذهنك أن إسمي عليا وقد يحضرك الان مشهد سينمائي وهم يقولون لي ( لا تناقش ولا تجادل يا أخ علي ).
لا يا عزيزي , لا يا ابن وطني , لا يا من أحلم أن أكون معه جنبا إلي جنب نبني دولتنا العظمي , إسمي أحمد وليس عليا ,أنا مواطن مصري يكره الأكذوبه , أدرك أن المبالغه في التوصيف تؤدي إلي أخطاءٍ في التقدير وإلي فساد في الأحكام .
الإخوان ليسو ملائكة وليسو شياطين , إنهم بشر يصيبون ويخطئون , إنهم مثل غيرهم ممن دخل إلي معترك العمل العام , ولو كان الكلام علي غيرهم من القوي الوطنيه شططا وتجاوزا ومبالغة وتخويفا وتخوينا لكان لي نفس الموقف .
إذهب إلي مدونتي المتواضعه وستجدني قد كتبت أنقد الإخوان أكثر من مره , كنت أنقدهم لا أسلخهم , أنقدهم بحب لأنهم جزء من شعبي ولأنهم جماعة وطنية كبري يجب الإهتمام بما تقول وبما تفعل.
يقول الإخوان دائما إسمع منا ولا تسمع عنا , إنها مقولة تستحق الإحترام , لذا لن أخبرك عنهم , إذهب إلي مواقعهم , إقرأ ما يكتبون عن أنفسهم وعن أفكارهم وعن دعوتهم , وقد لا تجد كل ما يقولون مقبولا لديك , قد تتفق معهم وقد تختلف , إنها طبيعة الحياه يا صديقي , لكنك لن تجد عندهم (أمنا الغوله) التي يجب أن تخاف منها وترتعد.
يقولون إن الإخوان والإسلاميين يخدعون الشعب بإسم الدين الذي يسخرونه لخدمة ماربهم السياسيه , إنه سب وقذف علني , إنه إتهام للشعب بالسذاجة والبله , إنه تعليل غير مقبول لفشل من يقولون ذلك في الوصول إلي الجماهير , إنها حجة البليد !!!!
بعض الإسلاميين يعرضون أفكارا سيئه ولا علاقة لها بالإسلام , تمثل هذه الأفكار خطرا علي نهضة مصر , وحتي هؤلاء عندما يفعلون ذلك فإنهم لا يسخرون الدين لخدمة المارب السياسيه , إنهم مخلصون لم يفهمو أو لم يتعلمو أو لم يفكرو بعمق فيما قالو.
إذا سلمت بأنهم يُسخرون الدين لخدمة السياسه فإنك لن تحاورهم ولن تحاول إقناعهم , وسيعيش كل منا في شرنقته وستزداد الهوة بين أبناء الوطن الواحد , أما إذا إقتنعت بأنهم لا يفهمون الفهم السليم فإنك ستحاورهم وستناقشهم وهذا ما يجب أن يكون وما نسعي لتحقيقه من أجل مصلحة العباد والبلاد.
في مصر لا توجد غوله , ولا توجد سلعوه , بل شعب عظيم مخلص محب لأرضه ووطنه رغم كل الخلافات والإختلافات .
الشيوعيون والليبراليون والناصريون والإسلاميون جميعهم من المصريين الشرفاء , وليس هناك ما يدعو للخوف بعد أن زالت دولة الخوف .
No comments:
Post a Comment